قصائد الديوان الثانـي ( أول الرؤيـا  )

 الشاعر / إبراهيـــم زولي                        

                                  فهرس قصائد الديوان الثــاني         

 
 
 
 
 
 
   
   
   
 

قراءة في وجوه رحلت

   
 

 

يجيء الصباحُ بلَوْن انتمائي
وأرصفة الذكريات غِطائي
و
حلم صبايا بسنبلة الزمن
المترهّل والفجرُ ناء
يذوب سنا الشمس فوق فمي
فيشطرني عطشُ البؤساء
فهل عفّر الرملُ أجسادنا
وهل جنّت الريح في كبريائي
وللروح أجنحة في الغيوم
تهدهد فيّ لظى الاشتهاء
ترابية تصطلي بالهوى
من النور والنار والخيلاء
وتفترش العشق والأغنيات
ويحدو رؤاها مغنى الضياء"
وهاجسها السفر الأبديُّ
إلى أوجه رحَلََتْ للسّماء
تنحت عن الطين والصَّبَوَات
وعن ظمأ العمر للإرتواء
وهذا الجدار متى ينتهي
وتُحرَق كل خيوط الفناء
وينبعث الفجر من جبهتي
وتستمرئون سراب البقاء
متى يفضح الليل أسراره
وينسكب الخلد فوق المساء


 

الخميس 4/9/ 1987 مـ

 

 

 
 

أصـــداء السؤال

   
 

 

من أنت؟ .. واشتعل السؤاْل
كالرعد قهقه في الجبالْ
وأهاجني رجع الصدى
وثوى الهجير على الظلالْ
وتهشمت بدمي مرايا
الأمس من بعد اشتعالْ
وتنهد الليل الكسيح
وفيه صوت للجَلالْ
فأضاء دَجْوَ جوانحي
والحرف أشعله السؤالْ
أنا للحيارى قصة
تجْتَرّ آهاتٍ ثِقالْ
وسنابل الذكرى تفيّأتِ
الحكايات الطوالْ
لا الشمس أطربها النهار
ولا بريق النجم زالْ
وأرى عيون الحرف يهرق
دمعها وَمْضُ الجمالْ
وعلى جبين العمر تكتبه
صلاة وابت
هالْ

 

الأحد 13/7/1987مــ

 
 

الوقــــــــت

   
 

 

أعزَلٌ والوقت يعلو الجمجمهْ
وبوَجْه الصبحِ يُفنى أسهُمَهْ
ينحني الدرب على آثاره
واعتلت أحصنة الليل فمهْ
وغبار ذهبيٌّ خلفها
نصب الموت عليها عَلَمَهْ
والعصافير على ذاكرتي
تطفئ البرق وتفري أعظُمَهْ
من فم الأرصفة الجوعى أتت
لحظة شاردة كي تفهمهْ
فاحتذاها ومضى ملتحفاً
غيمة حمراء تروى حُلُمهْ
لم تكن تملك إلا مطراً
أخضرا كي يسكن الفجر دمهْ
وهو ماضٍ في المدى منطلق
والبدايات تهجَّت ألمهْ
والمسافات نمت في جلده
والهوى لم يره أو يَعْلَمَهْ
ومواويل الصباح الطَّفل لم
ترضع الريح وتكسر سلَّمهْ
أورقت في رأسه  سنبلة
يسكب الوهم عليها حِمَمَهْ
وتمطّت أحرفى في يده
فانحنت قامتُه كي تَرسُمهْ

 
 

نخيل الأحــــــلام

   
 

 

أتحسّين لوعتي واشتياقي
وانبعاث الصباح من أحداقي
وأناشيدَ عاشقٍ يتمنى
 من سناك البهيّ وَمْضَ التلاقي
حدثيني إذا تنفّستِ لحناً
وقرأتِ النجومَ للعشاق
وتواريت خلف نافذة العمر
جحيماً تَسعَيْن في إحراقي
قد خبا الشوقُ في الحنايا ولكن
من نخيل الأحلام في الصدر باقي
يرحل النور عن مدائن قلبي
والأماني العذاب تخشى عناقي
والصبابات نارها تسكن الروح
وتُصْلِى مرافَئ الأشواق
والهوى الناعس الجميل يواري
جمرة الأمس من لهيب الفراق
غربة الروح والقوافي الثكالى
ورؤى الليل في الدروب رفاقي
رعشة الحرف تستحيل دخانا
وبقايا النيران في الأعماق
ومصابيح فكرتي تشعل الليل
ضياءً ميلاده أوراقي

 

16/6/1987 مـ

 

 
 

أول الرؤيــــــا

   
 

 

يا أيها الوطن المسافر فوق هامات السنابلْ
جسدي تألق في المدى واندسَّ في ريش البلابلْ
الماء وجهي والمنافي صمتُها غضب الجحافلْ
والفارس الورقيّ أسْرَج خَيلَه ومضى يقاتلْ
وأصابعي مطر تَوزّع في البلاد وفي الخمائلْ
للموت خارطة من الأسمنت يمنحني المقاصلْ
 

* * *

ويُشَجّر العدم الخرافي فوق جدران المنازلْ
ويبيعني نعناعه المدنيّ يرشقني قنابلْ
ويحنّط الأحلام في ورق الغياب من العنادلْ
يا أول الرؤيا أُحبُّك خلف أسوار الفواصلْ
تتسلق الكلمات سرك بين أفواه المعاولْ
الموسم القروي تاه إلى أناشيد القبائلْ
من أين أخرج والقبيلة تحت منحدر الجداولْ
تَشْتمُّ نارَ خيامها وتَقُضُّ ذاكرة المناجلْ
وتُريقُ نصر خيولها وتخونُ أعراس السواحلْ
 

الخميس 7/8/ 1988 مـ

 
 

حكايات من رمــــاد

   
 

 

يا سنا الفجر يا مرايا النهار
تَئِدُ الغيمَ في حشاها الصحاري
والسراب الخؤونُ ينداح فيها
وهو ساه عن غربتي وانكساري
عن تضاريس ذكرياتي ويَوْمي
عن غدٍ يرقب السكونَ جِواري
يا حبيبي تصحّر العشق عندي
واحتوتني في حضنها أسواري
أنا ألقاك في الغيوم وفي الرمل
وبين الغصون في أشجاري
زورقي النور كيف أخشى عُبابا
والأناشيد من حداء الساري
سنبلات الهوى حيالي يُغنَّين
وقد أَوْرقَت ضُحىً أحجاري
فامتطى القلب مهرة الشوق لكن
يَشْرئبُّ الردى بسفح الجدار
فاضحكي يا بيادر الشمس إني
أبذر الحَبّ والزمان يواري
والحكايات من بقايا رمادٍ
والأساطيرُ في كتاب الدمار
قامة الحلم قد تهاوت بصدري
وانتمى للدروب فيض غباري

 

 
 

حصــار الأجــدرة

   
 

 

لم الفجر يحجبه العابرون
وتعشقه نجمة في يدي
هو الحلم من شَغَب بَيَّن
ومن سر صحرائنا يرتدي
ومن جسد الأرض ميلاده
فهل ينجلي ليلنا السرمدي
تجلت بذاكرتي قصة وأنشودة الفرح الأسود
وأجدرة من زجاج نمت
على ضفة الماء والمورد
ولكنه الشعر يَغِزل شمساً
تُلَوِّنه جمرةُ الموقد
تكَّلل قامته الكلمات
وتعلو أياديه للفرقد
يسافر للأفق مبتهجاً
فتشعل أقماره موعدي
يُلوَّح بالضوء في نشوة
لأكتب من ظله مولدي
بحرف من الحب والأمنيات
حفرت على الدرب وجه غدي
 

الثلاثاء 25/11/1987 مـ

 
 

خطوط فى كف المساء

   
 

 

حلَّق الشّعر في فضاء مسائي
وأتى طائعاً بغير عناء
يرتمي ساعة بحضني وحيناً
ينكأ الجرحَ سهمه في دمائي
أيها الساكن الضلوع أجِبنِي
كيف أجهضت عِزّتي وبُكائي
تاه حادي قوافل الحرف عني
فغدا الفرْحُ ضائعَ الأشلاء
احتسي الدمع في الليالي وحيداً
وسجينا يثور في ردائي
شاعر تحضِنُ الرمال حروفي
ظامئ يلهثُ السراب ورائي
يركض العمر والسنين حيارى
كفتاة بهية خرساء
تبصر الليل في وجوه الصبايا
دون فجر يحِلّ سِتر البقاء
زمن ينسج العذاب بوجهي
ويَخُطّ النوى بكفّ مسائي
يحفر الحزن في قصيدة شوقٍ
ويهدّ السموّ في كبريائي
وغدي خانق شريد ينادي
أين ومض الغرام أين غنائي
أين سرُّ الجمال يشعل صمتي
ويعيد الرحيل للأصداء
وتر حائر ينام بثغري
يشتهي البوح قبل حين انطفائي
فيه صوت الخلود فيه جراحي
واشتعالات صبوتي وشقائي
 

الثلاثاء 23/4/1987 مـ

 
 

الشــــاعــر

   
 

 

يسْتلُّ ذاكرةَ البلاد ويرتدي ثوب النهارْ
ساقاه من طرب وأعينه تباشير انتصارْ
ويبوحُ كي ينسابَ من شفتيه إعصارٌ ونارْ
فلسيدِ الكلم المعتَّق ألفُ مِخبرة تدارْ
الرمل يشرب صوته المطري ينبت في الديارْ
والطين يستجديه يفضح كل أسرار الجدارْ
لكنه يتسنَّم الآفاقَ يرهقه الدُّوارْ
الليل يرسمه رغيفاً في أواني الانكسارْ
واللحظة الحمقى تمدُّ لسانها خلف المدارْ
تهديه من أنشودة الفرح المهاجر للدمارْ
يوماً رمادي الرؤى ساعاته من لا قرارْ
تمتد قامته إذا انحسرت صحاري الانتظارْ
 يا أيها المولود من حُمَّى السواحل في الغبارْ
قم وشوش الطفل المسجَّى هزّ قامته انكسارْ
ليُرجّع العصفور أغنية الظهيرة في وقارْ
والقمح يختصر الفصول يضيء من ليل الحصارْ
 

الأحد 11/9/1988 مـ

 
 

الأرض

   
 

 

من الماء أو حجر ثائر
تحاصره الأرض والمطرقهْ
يؤرقه الزمن المستبدّ
وبرد السؤال الذي أقلقه ْ
و تُرسم
دائرة للغناء
تطوّق إصبعه المحرقهْ
وحيداً يهاجر تتبعه
مراياه والقرية المرهقهْ
قصائده تسكن المستحيل
وأعينه في المدى مورقهْ
على مفرق الليل يوقد شمساً
لكي تطفئ الموت أو تغرقهْ
وريحانة للصباح الغريب
تهدهده من دجى أرّقهْ
وللبحر أغنية من جنون
يُشاكسُ إيقاعُها زَورقهْ
على دمه الانتماء الفصيح
وحب الفراشة للزنبقهْ
يُفتَّش عن نورس أخضر
ويبحث في اللغة المطلقهْ
يكحّل بالشّعر أسماءه
وقافية تعتلي بيرقه
ْ

 

 
 

أناشيـد اللهب

   
 

 

أضاء وجهي فغادرتُ التراب ضحىً
وصافحتني كفوفُ الريح يا وطني
وغازلتني خيام البدو وانكفأت
على فم الرمل حيرى كي تعانقني
متى يصب لنا الماضون قهوتهم
كي نستفيق بها من شهقة الكفن؟
وجه بلا بصرٍ تمضي مدائننا
هيا امنحوها عيونا كي ترى سكني
سرابنا تتهجى الشمس صفحته
ويستريح على أطرافه بدني
حتى متى يورق الصبار في لغتي
وقد تمدد بين الماء في علن
ويستطيل كما العنقاء فوق يدي
ومن شبابيكه العذراء يرمقني
بألف لون يحيني وأغنية
وفي عباءته إطلالة الوهن
يا أيها المتعالي والمدى شررٌ
ضمّخْتَ آفاقنا البيضاء بالعفن
هل دار عبلة صبّتْ في فمي ألقاً
وسافَرَت بصباح الطُّهر للمُدن
كسَّر رمادية الأزمان يا وجعي
واردم تضاريسها الجوعى لكي ترني
فصوْتُك المتهادي بين أرْوقَتي
تهدَّج الآن واستَرَخي إلى الوسن
واستنطق اللهب المخبوء يمنحني
أنشودة وترانيماً من الشجن
 

 
 

حروف من الماضي    ((في ذكرى الهجرة))

   
 

 

يظلله الغيم في فجره
فينسكبُ الماءُ من راحتيهْ
يهاجر بالشمس في كفّه
لعل المدى يرتدي مقلتيهْ
وَوَهْج النهارات من صوته
وخيل الضياء إلى جانبيه ْ
فشكّل من نوره عَالَماً
وغنى النخيل على ساعديهْ
وجاءت بشارته مولداً
فسافرت الطرقات إليهْ
وأغرَقَنا مطرّ صادق
تحلقّت الأمنيات عليهْ
هَتَكْت حجاباً من الذكريات
الْملمُ يومي على كَتفيهْ
أتـَنْتحرُ العاديات ضحىً
ويجْترنا الوقت بين يديهْ
ونكتب أشجاننا للزمان
وقد نبت الموت في حاجبيهْ
وللرمل ذاكرةٌ من رماد
تخثّرتِ الآن في رئتيهْ

 

 
 

الرحيـــــــــل

   
 

 

مثل حُلْم على الأناشيد يزهو
ويغنّي مع الحروف غراما
وجهُك الأسمر الحزين تجلّى
طَرَق القلبَ خلسةً وتسامى
عِنبىًّ يسطِّر الحلم شعراً
ويخُطّ السرور والأحلاما
كفكف الدمع ساعة عن جريح
أطفأ الشّكُ فرْحَه فتعامى
لم يعد يُبصُر الحياة حياة
يحسب الشوك نرجساً وخزامى
يتهجّى من جبهة الليل سرا
ويرى في النجوم بَوْحَ اليتامى
فهو ظلٌّ مع الغروب سيفْنى
يتلاشى مع الحطام حطاماً
وبقايا على الدروب وحيداً
وغريباً جذلان يشدو السلاما
أيها اللائمون ماذا تبقى
النهارات تستحيل ظلاماً
سيد الحرف نخْله قد تداعى
والهوى الطفل بين جنبيه ناما
 

الخميس 8/11/1986 مـ

 
 

وطنـــى

   
 

 

وطني نقشت على ثراك هوىً
مجنون ليلى بات يحسدني
وغرستُ فيك الحلم صاريةً
أتراك مثلي صرت تعشقني؟
أماه أين عروبتي ودمي؟
أماه أين شراعها سفني؟
القدس تصرخ في ضمائرنا
صوتا توجِّج ناره بدني
أنا بنت يعرب كيف يلفظني
من كنت أحضنه ويحضنني؟
أنا بنت يعرب لست باغية
كيما أرى العربي يقذفني
الخيل والصحراء ظامئة
فمتى صهيل الضوء يغسلني؟
تلك الكهوف السود جائعة
للحاملين مشاعل الفتن
انت الولود اجدبْتِ كيف.. متى؟
يا صورة شوهاء للزمن
يا أمة خجلى وعزتها
طيف من الذكرى ينادمني
كم أرقـتني وهي غافية
والنار جاثية على المدن
والخوف تأكل ناره جسدي
ولهيب صوتي بات يُحرقني

 

 
 

وقـــوفـــاً

   
 

 

هذه القرية ..

العاشقون على بابها

واقفون

افتحوا بابها الخشبي

(أكرة) الباب موصودة

والمفاتيح ليست لها

سلمتها لسيدها العربي

إنها لا تحب المطر

فليس لديها مروج تصافحها

في الصباح

ولكنها ترقب الليل

فالعاشقون على بابها واقفون


 

 
 

البــــــرق

   
 

 

إنه خلف تلك الحقول

ماؤه سرّ تلك السنابل

والأرض حتى تضيء

متى ستكونين يا امرأة

كخيول الغزاة

على جسدي؟

وتصيرين قرب عيوني

مرايا السهر

* * *

أنت والأرض

حين تحط المسافات خلخالها

ويجن بها الليل تنتحبان

فيسقط بين الحقول القمر

 

 
 

وعـــــــــد

   
 

 

كيف آنية المفردات تبلّ

الظما

سوف أكسرها

وأعبّ مياه الكلام المضيء

الذي ما انتمى

 

 
 

الشهـــــــود

   
 

 

ها أنت وحدك

دونما جسد

يقاسمك الحرارات الدفينة

والغبار الرطب

تجلب ما تعسر من أقاصي البال

إخوتك

الأقارب

فتية في الحي

تشهدهم ذباباً

في إناء العمر من زمن ينوس ْ

شمساً على عكازها الخشبيّ

تلهث خلف سادتها

نهاراً شاخصاً

بالباب ينتظر الجلوس ْ

يا موجعاً بالحسن

فلتصعد على درج الكلام

وشد أطراف القصيدة

في جهات الروح

واشهد كيف غاب الشعر

واستعدوا عليك الليل

والجرح المخبأ تحت خاصرة الهوى

من أسلموك طريدة

للبرد والأرض العبوسْ

 

 
 

فتـنـــــة

   
 

 

فناجين شاخصة

باتجاه الدلال

سرير يراود في غفلة

من عيوني الوسائد

والأوجه القمرية

ظامئة للهوى والجنون

الغصون المحنّاة

تشهق تحت المناديل

أهجس بالشعر

يسخر مني الرفاق كثيراً

دع الحبر والكلمات

أرى كل شيء يحن لفاتنه

في المساءات

 

 

أخرج من جسدي

سيد الفاتنين

أهيئه للأناشيد

والسمَر الساحلي

يرقص الأصدقاء السهارى

وأصعد وحدي

لقطف عناقيده الناعسه ْ

لا أرى أحداً

غير هذا الفضاء المرابط

والأنجم الجالسه ْ

 
 

وصيـــــة

   
 

 

مت كيف شئت

ولا تعد

جرحوك يا قلبي المكابر

واستباحوا ماء من أهوى

وتشرق في دمي

مت كيف شئت

السدر

والكافور

والكفن البياض

يدعوك هذا المشهد الكحليّ

للفرح المسافر

والتوزع في الوجوه

الأقربون لهم وصيتك

الأخـــيــرة

 

 
 

وانسحب ْ

لم يبق شيء يستحق لـه البقاء

إذن فموتوا كيف شئتم

 
 

خاشعاً أحصد الغيم

   
 

 

ما الذي فعلته الكآبة

في ليلة البارحه

ولد يسلك الطرقات

على حذر

حين يقسو عليه الكلام

على مهل يطرق الآن مملكة الروح

فتـنــتة والبخور التهاميّ

بعض آياته

* * *

أيها العنبيّ بنا عطش

للينابيع

للورد

يا أيها المتألق في العين

أيقظت ذاكرة

أطفأتها المواسم

ها أنت تبعث فيها اللهب ْ

خاشعاً أحصد الغيم

في وجهه الساحلي

يا سماء الذين نحب

امطرى ريثما يقف العاشق الفوضوي ّ

على بابه طارقاً للهوى والصبابات والوجع المشتهى

سلمته الأزقة من شبق مسه

يتخبط في عتبات الجسد ْ

* * *

ما الذي فعلته الغواية

في ليلة البارحه

ولد يسلك الطرقات

على فرح

حين يحنو عليه الكلام

تأخر عن ساعة الأهل

يدخل حارته

في الممر الترابي ّ

لكنه في الظلام احتجب ْ

* * *
 

 
 

زيـــــارة  

   
 

 

"إلى روح أمي التي تتصاعد في الليل مثل البخور"

 

تطلّ عليه من الغيب

سمرتها القروية

نقشة حنائها

والثياب الخجولة

رائحة المسك

والزنجبيل اليمانيّ

يصرخ : أمي

يجيب صدى الصوت : أمي

تفيق العصافير في الليل

والشجر المتكسر أفرعه

يفزع الأهل

إخوته يسهرون على

جانبيه ْ

* * *

هو الحزن يقطف غصن

الطمأنينة الغضّ

كاد الصباح يخبئ طلعته

عندما أبصر الموت في مدخل الحيّ

يزحف

يزحف

قالت لنا والجلال يسير

إلى قبة الضوء

مغتسلاً بالبياض :

هو الموت لا ريب فيه

* * *

التي شيعتها النهارات

في فرح موسميّ

تطلّ عليّ من الغيب

سمرتها القروية

نقشة حنائها

والثياب الخجولة

رائحة المسك

والزنجبيل اليماني ّ

أكتب في أول السطر :

أمي

تفتــــــّح زهر الطفولة

في الصفحة الورقية

أكتب ثانية

كي أزخرف آنية الشعر

من ياسمين الكلام على شفتيك

كم الأرض شاحبة

دونما كاحليك

قفي كي أحبك أجمل

مما مضى

* * *

تختفي فجأة

عن عيون المساء

وتعرج باسمة

للضياء الجليل

 

 

 
 

أحـــاديــــث

   
 

 

أتداوي بريح الأحاديث

من شفتيك التي أثمرت

بلحاً

خَطـْوك الآن يسبقني فاتئد ْ

كيف لا تشرق الأرض بالنعل

واللغة البكر

بالأبجدية

والذاكره ْ

هل أحبك قلت

أنا لا أحب سوى

قرية في الجنوب

على جثتي ساهره ْ


 

 
 

ضــــــــوء 

   
 

 

من السقف يهطل

ينسكب الآن

بين الأصابع

يندسّ في مقلتيّا

ولكن تحاصره الأجدره ْ

أتسلل أفتح نافذتي

هرع الضوء للطرقات الظماء

فلم يرها

حينما هرولت مدبره ْ

 
 

البينـــات  

   
 

 

(1)

تمرّ عليّ الوجوه سراعاً

سوى وجهك القمري ّ

فاقرأُ مما تيسر من

كلمات المحبين

كي لا يغيب

تعال إلى جنة تتلظّى

ونارٍ يحن لها العاشقون

فإني رأيتك تصعد سلّمها

خائفاً وغريب


 

(2)

أجيء إليك وقلبي

حكايات عشق قديم

ألست الذي أشعل الروح

من عنبٍ

يتــــــــدلّى

على الشفتين

وأنبت في ضفة العمر

نخل اليقين

وأحيا الزمان

الرميم

أجيء إليك وقلبي حكايات

عشق

قديم

 


 

(3)

 

تمرّ عليّ المساءات

في خلسةٍ من عيوني

سوى ليلة

جاذبتك رياح الظنون

ولم تطمئنَّ لطير الهوى

حين حط على شجر الذكريات

وأوقد في جانبيك

الصِبا

والجنون

 

(4)

 

في دروب تضيء على خجل

وحياء

وحيداً تسير

ألم تنكر الليل حين

تجلّى هلال

السهرْ

ولوّح بالسرِّ حتى اختفى

لـه الأصدقاء تولّوا

ونادوا بأعلى هواهم عليك

وكنت جريحاً تنادم

صحراء ليس لها عاشق أو قمر ْ


 

(5)

 

حين تمضي وحيداً

ألا يخلف الشعر ميعاده

والمدينة تلهث خلفي

تخوّفني من ظلال

البيوت

ولم يعد الدرب

من غيمة

ومطر ْ

 

(6)

حين تأتي وحيداً

فؤادي يجوس الشوارع

يحمل فانوس أوجاعه

ويغني

أنا العاشق المستبدّ

وأنت الجلال

  الذي

لا يموت