قصائد الديوان السادس ( قصائد ضالة، كائنات تمارس شعيرة الفوضى )

 الشاعر / إبراهيم زولي         

         فهرس قصائد الديوان السادس

 
 

* صورة  

* شعاع  

* الجنون 

* ظلّ  

* قصائد ضالّة  

* الضجيج  

* محاولة  

* الموتى 

* حشدٌ  

* الكتابة  

* أول النصّ  

* نزوات  

* سفر 

* لاسبيل  

* نواح  

* غدا صباح السبت  

* مصيدة  

* هُنَّ 

* اقتراح  

* بعض أسمائها  

* إطار قديم  

* الكرسي  

* الموالون 

* فجراً أتوك  

* الوردة  

* كلام  

* أنت  

* شهوة طارئةْ 

* الشعراء  

* الغواية  

 
 

 

استهلال

   
 

     ركعتان في العشق
    لا يصحّ وضوؤهما
    إلا بالدم.

                                       "الحلاج"

تحت كل الكلمات
جسدان يتّحدان
وينفصلان.
                             "يانيس ريتسوس"

 

 
 

 

قصائد ضالّة

   
 

            

1

فاض ماءُ الجسدْ
في فيافيك,
فوق تخوم الأقاليم.
عاطفة غير مفهومة
غالبا لانريد لذلك
معنىً مبرّر.

 

            2

لم تُغادرْكَ منذ الأبدْ,
في الرواق المؤدّي
إلى غرفة النوم ,
تحت حريق الكلام,
أمام البنايات
من خشبٍ وصفيحٍ,
على صحن فاكهة ,
في النشيد الصباحيْ.
تُرى كيف يمكن أنْ
أتحاشى مفاتنها
بعدما حوّلتْني إلى
حطبٍ قروي!!       
       

                3

مكتوٍ بالصباحات
في أعين الفتيات,
أرتّق سجّادة للندى.
أيها العابر الآن
ثمّة أغنية تتطاير كالنحل
من سهر وحريقْ.

 

                4

كنت أرقب زهر النساء
لهذا الطفولة كانت
بلا مللٍ!!

 

                5

في الطريق إلى بيتها
تهدأ الريح في الدرب؛
لكنّ عاصفة داخلي
تشتعلْ.

 

                 6

لا حدود لهذي التعاسة؛
عينان دامعتان,
وقلب تخاصمه
الأجنحةْ.

 

               7

عندما تغضبين
المصابيح
في حيّنا
تنطفي!!

 

              8

لأجل بهائك سيّدتي
تتوقّف عن شدوها
الطير,
والمفرداتْ.

 

             9

أتحوّل بالكاد
فزّاعة للطيور
إذا لم أُحبْ!!

 

           10

تتجمّع بعض
الفراشات حولي
إذا ما صرخْتِ:
تعالْ.!!

 

             11

ظمأٌ يقتل الحقل
والماء في جسد امرأةٍ!!

 

              12

أليس كذلك؛
أنّ هلال القرى
قُدّ من فمها!!

 

        13

حين تحكين للغيم
تمطر هذي السماء
الثمرْ!!

 

          14

كلّ هذي البروق
لأنّ يدىْ
في يديكْ!!

  

            15

إذا لم أكنْ
في جنونك
من أين لي
كلّ هذا اليقين؟!!

             
            16

كلما تضحكينْ
تخطف الشمس
من شفتيك
الصدى.

 

 

     17

لا يكفّ عن الطيرانْ؛
عندما يتوغّل
كالنسر
بين
فراديسها

 

            18

أنت من فاجأ القمح
من دون قصدٍ؛
لأنك حشد
من الطير
فوق جدائلها
مذهلٌ وغريبْ.

 

             19

وراء  النوافذ تمطر؛
لكنّ في الرأس
صحراء قاحلة
كيف أدخل في
جدل مثل هذا ؟ّ!

 

          20

لأنّ الرياح مرابطة
عند بابك,
تطلب مأوى,
أجيئك ممتلئاً
بالتناقض.
كيف تكون الحرائق
آخر هذا المطافْ؟!

 

       21

من الأرض
تصعد أبخرة
في الزوايا الخفيّة,
تذهب في الروح.
هل سوف تأتي
القصيدةْ؟!

 

         22

لأنّ السماوات
هائمة بالمطرْ,
ولأنّ المدينة تجلد
أعضاءها بالسياط,
وأنت يطاردك الظلّ,
والطير مصلوبة
فوق أغصانها.
كأنّ الهزيمة تختارنا
في الخفاء.
لنبْك إذنْ.!

 

 
 

 

الكتابة

   
 

 

ليس أرحب منها أحدْ
الممالك تضحك ملء الجهات ,
المدينة موبوءة بالخفافيش والأسئلةْ ,
الهواجس تغفو على قامتي المشمسةْ ,
النساء اصطففن على رجفة الحلم,
يضحكن للعابرين,
تستّرْن بالعري,
حين تخفّيتُ تحت عصائبهنّ..
الطفولة مخبوءة
في غيوم الكتابةِ..
***
لا, ليس أجمل
منها أحدْ
ليس
          أجمل
                     منها

                             أحدْ.

 

 

 
 

 

نواح

   
 

 

كيف توقظ هذي المواجع,
تفتح جرح العشيرة, تفضح
أسئلة العاشقين.
كأنّ الكلام يدقّ بأوتاره هضبات الخيال,
ترعرعتُ بين بساتين أسمائها, حين كانت
تعلّمني كيف تخضرّ رغبتها في الظلام, ستذهب
مثل النوارس, تعلو على سنبلات الحقول, يدها
سوف تلقي التحيّة, تحصد عشب الحريق, تدكّ الوجوه
التي تتألق بالشهقات.
هنالك نغسل أعضاءنا في الهجير
الأناشيد تلهج مثل قوافل مسعورة.
لستَ أول من يتعجّل هذا النواح,
براريك مأهولة,
تمنح الكائنات الهواء,
تنسّق زهر العذاب الأليم.
ألستَ جسوراً لكي تغرق الوقت
قبل انفراطك
بين الجهات.

 

 
 

 

بعض أسمائها

   
 

 

... تتذكّر أنك في العتمة الآن
وحدك مرتعشاً تجلب الشعر
أنت الذي لم تضقْ بخطاه المسالك
لكنً قلبك كان بعيداً
يسير على شارعٍ مثقلٍ بالضجيجِ..
***
إذا شئت كن قمرا في الحقائب,
أو لغة تتألق من حدقات النساء.
أطلْتُ البكاء  على جسدي
أنت في العتمة الآن
ضاقت بك الأرض
أم ضقت.. ؟
سيّان..
لا أبتغي غير أن أستعيد
السكينة فوق الملامحِ..
***
يا أيها الشعر
ذو المئزر القرويّ
أجبْ:
ما يباعد بيني وبينك؟
هذا الشقاء,
انهمار الخرائب,
حمّى الحنين,
الرجال المثيرون للدهشة,
القلق العائليّ؟..
***
تجيءُ القصيدة
كان يلملم أوراقه
ظل مستوحشًا
وعلى فمه بعض أسمائها
***
هاهي
الآن
تقبل
من
أورثتْني
الجنون.

 

 

 
 

 

الوردة

   
 

 

قُدّتْ من الفوضى,
ومن مطر الجنون,
تسير كالمعنى المعفّر بالصباح.
وحين تنكشف السواقي, في الطريق
تخيط لي وجهاً
من الكافور, والشجر البعيد,
دماً تكدّس في مجازات الصبا.
هل تستطيع تمدّ بعض الفأل لي؟

 

 
 

 

الغواية

   
 

 

تعلِّمُنا أن نروّض وحشتنا
في الأقاصي,
نجرّد أمطارنا..
كالنميمة تبتلّ أو تتعالى
إلى نخلة الوسوساتِ
طفلة كالشياطين
يهطل من ثديها
كهرباء الحنينْ.

 

 
 

 

ظلّ

   
 

 

كنت أشتاق أنْ أتوحّد فيك,
تمدّ بقاياي بالأبجديّة,
في غبطة نتقاسم إفك الحرير.
أنا من يهذّب أعضاءه
خلف نافذة  لا تمرّ عليها غبار الكآبة,
يرشق برق السواحل ,
يغفو سعيداً بدهشته.
أنت لستَ جديراً بحزنك
حين يقلّب عينيه في العتمات.
أمنْ أجل هذا تشعّ الأصابع
مأهولة بالعراءِ؟
ارتدتْك الهزيمة
هل تتردّد؟
لابأس..
ليس لنا غير ظلٍّ نلوذ به
تحت قمصانه بهجة الماء,
غصن تشرّد في طرقات الحطام
وحيداً ستبقى كطيرٍ توزّعه الشرفات.
على جسدي سوف أنهض
قبل انتصاف الكلام
أعابث ما يتداعى عليّ من الليل
مهما يكن
لم أخنْ أحداً!
لا لأنّي أريد الغناء على
قدم واحدةْ,
أو لأنّ الحنين تبعثر كالتبغ.
لستُ سوى
كلمات من الجمر
                         في
                                   خلوةْ

                                               خاشعةْ.

 

 
 

 

حشدٌ

   
 

 

تمهّلْ...
لكي يحشد الليل أسماءها,
يقتفي زهرها في  حقول الحواسّ,
يُعِدّ لها قارباً في بحور القصيدة
تصعد للشهوات بأجنحة من ذهبْ
والنشيد يرتّب أشكاله كالبذور
يقاسمها برتقال الخرافة.
سهواً
سندخل في السلسبيل
الأليف.

 

 
 

 

لاسبيل

   
 

 

لاسبيل إلى الغيم
منسجماً في الدروبْ
لاسبيل لأنْ يصبح
الجنس ذكرى,
مجرّد ذكرى ..
لاسبيل تكون لوحدك
كي تتمايل بين الحشودْ
لاسبيل إلى الفتيات
يصرْن كمُلْك اليمينْ
لاسبيل إلى شجرٍ
يتعانق والشمس
في حذرٍ كاللصوصْ
لا سبيل إلى نجمة في الأعالي..
لاسبيل إلى قمرٍ
يترنّح خلف البروقْ
لا سبيل إلى فاتنٍ تتباكى على صدره
لا سبيل إلى نسوة
في المدينة قطّعْن أيديَهنْ
لاسبيل إلى وجهها
جامحاً كالثراءْ
***
لا سبيلْ ..
لا سبيل إليكْ.

 

 
 

 

اقتراح

   
 

 

مثلما يذهب السائرون نياما
تحوّ لتُ من غير قصدٍ
إلى شاعرٍ؛
من كلام قريب الصدى
غير أنّ الصدى
يتكشّف قرب السرير.
اقترحْتُ سماءً مهيّأة للوعيد,
شوارع من خيلاء,
حديثاً من الشبهات.
بعيداً عن القافلةْ
كنت أكتب ما يتألّق من عتمة
لم يتحْ أن أرى المفردات
تمرّ على شرفة البيت,
تذرع منعطف الذكريات,
تصير المنازل وجهاً لوجه
ويرقصْن في اللاشعور.
إذنْ أنت وحدك
في جنة المنكراتْ.

 

 
 

 

فجراً أتوك

   
 

 

هل أنا غير هذا الدم المستقيم
يمارس ضحكته دون ذاكرة.
كخيال النعاس رفاقي,
تلمّستُ بعض الذي يستبدّ بهم,
سائرين على طلقات الغياب,
أراقب صورتهم تتكسّر من وهج الشمس.
أنت تكابد مشهدهم
في انتظار الرياح
التي تستعيد منازلها.
أيها السالكون
كثيرون مرّوا, ولكنني لم أر أحدا مثلهم
لم أجدْ وشم ساعدهم
 ***
    
أنت تمحو وتكتب في صفحات الغبار.
أرادوا العبور على جسد البحر,
بين أواني الزجاج, وزيت القناديل.
فجرا أتوك
وما انتبه الحرس الغافلون
من الغيم كانوا يجيئون,
رائحة المطر القرويّ
بهم ستعود إلى العتبات
ولن تبقى
            منسيّة

                           كالمنافي.


 

 

 

 
 

 

الشعراء

   
 

 

ما الذي سوف يفعله الشعراء
سوى محض صعلكة؟
البيوت التي تستضيئ بهم
لم تزل في شراييننا
ارتقينا على درج العمر,
غالَبَنا الوجد,
- إن الهوى غالب -
يجمعون العذاب, وإن أرهقتْهم ظنون المسيرِ,
الترقّب كالنار مختبئاً في العيونْ.
***

لانطأطىئ هاماتنا
لو حفرْتَ خطى الشعراء تراءى
لك الحلم منتصباً كالعُقاب
يطارد أسئلة الليل.
تلك الوجوه تنام على سررٍ الريح
هل ستجيء غيوم المساواة,
أم يصعدون إلى مطر ربما؟
أي شيء سيفضحه الشعراء
سوى سوءة الكلمات.

 

 
 

 

الجنون

   
 

 

صاغه عاشق
من ثياب البحار,
تسلّقت الغيم أعشاشه,
كان محض عماءٍ,
تبدّدَ أزمنة في ضراوته,
شامخا كالكفاف
إلى أين يذهب,
أيّ الوجوه يطوفْ؟
يده الآن تخرج زهر الكوابيس
لا تتمنى سوى شرفات الرفوفْ.

 

 
 
 

 

الموتى

   
 

 

يدخلون إلى عالمٍ تتشظّى مفاتنه
حولهم من خطوط الشموس
مهاجع تخفق كالشمعدان
هناك فقطْ,
في افتتان الإقامة
يغدو الكلام دماً واضحاً

في قميص القصيدةْ.

 

 
 

 

سفر

   
 

 

سفرٌ مثقلٌ, ودمٌ لا يغالط صاحبه,
مثل نجمٍ يشمّ المنازل
من خلفها سعف النخل,
يسترجع الآن رؤيا الكتابة
تعشب كالتمتمات
ترمّم وعثاءنا فوق حبل الغسيل.
كأنْ لم يكن غير هذا الهباء المعتق
مثل الصدى, قد يجيءُ.
كمنْ يهمز الريح
عُضّ على مستهلّ الغناءْ
لن ترى غير وجه المؤلّف

مستسلماً للهباءْ. 

 

 
 

 

هُنَّ

   
 

 

استطعْن إعادته
إلى فهرسٍ باردٍ,
مثل فاصلة
يتوسّطن معجمه.
لم يجدْ ما يقولْ
حين يصْطدْن
أسماءهُ..
اللواتي تحاشين
في حضرة الريح
تفريغ ما زاد عن رجسهنّ
اشتبهْنَ به
عندما كان يفتح شرفته
للرواةْ.

 

 
 

 

الموالون

   
 

 

الموالون لي  يخرجون
إذنْ لن أبوح بما يعتريهم
ورائي القبيلة,
كلّ المنازل - عارية الصدر-
تغلق أبوابها.
***
البراهين تكذب دون مواربة
كيف لي أن أعود إلى حيث كنت ؟
فطوبى لهم..
ليس للوقت رائحة
بين مبخرة العمر
مقرونة بالهزائم روحي
المساءات تمكرُبي
يتباهى بيَ الموتُ...
***
كنتُ أشُب ّعلى حكمة لا تُسامح,
تأخذني تارة لخلاء العيون,
وأخرى لأسئلة كالعصافير
تعرج بي للظنونْ.
الموالون لي
يرسمون الملاذ الأخير لهم

ثم لا يرجعونْ.

 

 
 

 

شهوة طارئةْ

   
 

 

لا تخفْ..
تستطيع البقاء كجذعٍ يميل
مع الريح في شجر العائلةْ
وصلتْك الكوابيس بالكلمات؛
هنالك تنشد آخر ما قد يمرّ عليك,
تشكّله في فضاءٍ أنيقٍ.
لذا لم تعد تشعل الجمر
في حطب الرغبات
لأنثى مراهقة, يدها عشبة.
***
حان وقتٌ ستمضي وحيداً إلى الضوء.
لابدّ من جسدٍ لو نمتْ في يديك
المرارات, أو شهوة طارئةْ
سيكون الحديث هواجس عارية
تتساقط تحت لحاف الجنون
لماذا تهلّل هذي السخافات
حين تخبّئُ أمطارها في القصيدة
حينئذٍ أتجلّى, وخلفي هبوب الرياح,
وسيّدة من بلاد
بعيدةْ.

 

 
 

 

شعاع

   
 

 

اشعاعٌ تسلّل بين الممرّاّت,
يدخل غرفته,
ثم يجلس فوق الأريكة,
يعبر ساقيه,
من قرية في البعيد
تدفّق مثل الحريقْ.
***
شعاع بدا..
لم أر مطلقا مثله
أيّ دربٍ سيخلع عنه قميص الظلام؟
كمنْ سوف يحصي شواهده
يتنزّه في وسَط الدار
من سيرافقه في الشوارع؟
خلقٌ كثيرون جاؤوا
أهالوا عليه التراب

فصار الشعاع غبارا.

 

 

 
 

 

محاولة

   
 

 

سأحاول أنفض خيبة روحي
لكي تتخفّف من حملها؛
السحاب الذي يتشكّل في راحتيك
سيعرف أنك لست بهذا البهاء,
الفصول ستخرج قبل المواسم
ذاهلة, ثمّ تلقي بجثتها في الطريق.
تأخرْتَ...
عانتْ من  البرد روحك
تبني قصورا من الرمل
ثمّ تعود, وتنوي عليها الخراب..
***
أرى الصوت يصعد في غفلة
من هوامش حكمته,
تجلب الحظ للفقراء,
وروحك متخمة بالعواء ,
مبلّلة دائمًا بالجحيم,
يؤرّقها أن تعدّ رثاءك في هلعٍ
ثمّ ترحل كالشهداء.
أجِبْ أيّ موت تريد؟
وأيّ النشيد سيلمع
فوق سرير الجنازة؟
فلتكن النار,
توقد جمر الأغاني,
تطهّر أسراريَ الأبديّة

في لحظة واحدةْ.

 

 
 

 

نزوات

   
 

 

سوف تندلق النزوات كثيرا,
تظل ّتراوغنا.
هل سنحفر قبرا لأسرارها
ثمّ نختار من أيّ نافذة
يخرج الخائنون؟
سنسهر
نرقب أنفاسها, وهي تخرج
كالسهم في ساعة واحدةْ
***
مِنْ هنا أوهناك
ستبقى تعلمنا كيف نستقبل الغرباء,
كيف يمكننا النوم دون حبوب مسكّنة؟
الخطى تتراجع
حاولْتُ أن أتبيّن وجهي
المعلّق في أعين الواقفين
دمٌ كرفيف الجناح
يلامس أكتافهم
يا لهذا الدم المتصنّم في هيبة!!
لم أجدْ أحدا تحت قوس الضحى.
آه لو أنني كنت أجمل!!
لكنني لم أزلْ أرهف السمع للكلمات
تقود الضرير إلى بلدةٍ نام ساداتها,
تتلمّس عشب بصيرتهم, ثمّ
تستدرج الشعراء إلى غفوة
في سرير البياضْ.

 

 
 

 

مصيدة

   
 

 

ما الذي يتوهّج بين المسافة؟
يا رجلا نصّبته الخرائب سيّدها
تتنزّه في خاطر الليل
هل تُرجع البحر عن مدّه المتباعد؟
أجثو أمامك,
لا أتحسّب للنار بين المواقد,
أسأل عن طرق تستبيح الضلالة؟
عن قمر يتسلّل من زرقة تتلعثم,
يعبر أضرحة تتجاور من غير قصدٍ .
كأنّ المساء سيسقط في ورق القات!!
كيف تضيء الرتابة في النصّ,
تخرج لاهثة خلف حشد العصافير.
في الصبح.
ثمّة مصيدة تتربص بالقلب والدرب
هل يحدث العكس

يا شاعرا ليس  يملك إلا الكلام.


 
 

 

الكرسي

   
 

 

غالبا ما يكون التشنّج
شاغله
ليس رغبته البقاء هنا
حين يدخل  في غرفة,
من ممرّ عتيق,
يعود يجاور عزلته.
هكذا
يتكوّم دون مناسبة.
حين تلهث أقدامه
مثل شطْر القصيدة
يخرج من ظلّه

كالغريبْ.

 
 

 

أنت

   
 

 

باردٌ أنت
كالهذيان المشرّد,
تمتدّ في فلوات العيون,
تدمدم في لغة
تتخلّق كالكائنات.
صلاتك للبحر يترك خلوته
لانتِ الريح
تفتح نافذة للهواجس,
تسرج ليل المواويل
هل غسلتك التباريح من دنس الطين
أنت دم ساخن في عروق المجاز

قصائد إيقاعها الصولجانْ.

 

 
 

 

صورة

   
 

 

وتحفّ مناماته
صورة تحمل الليل آنية
أجّجت خشب الروح
رغم الظلام الذي يتخطّى الحواجز

  • أقصد حاجز وحشته -

تتأمّل في خفّة طائرا
يتمترس خلف العروقْ.
التي أنهك الطين تاريخها
يتصالح فوق حافتها
شجرٌ كالنعاسْ؛
شجرٌ دهمتْه

الرؤى الآثمةْ.

 
 
 

 

الضجيج

   
 

 

حينما أوصد الباب,
أذهب في خلوات النعاس,
الرؤى تتكوّم فوق السرير,
كما العشب مستبسلاً
في الحقول.
أطاحت بيَ الكلمات
هي الآن تبصرني
أتدحرج في الجمل العربية,
أخشى المرور أمام السلاطين.
لكنني سوف أشحذ هذي الأصابع
في جسدي طرق للشياطين والشعراءِ
***
الضجيج الذي يسكن الرأس
يمضي بصوت خفيضٍ,
على مهل يتسلّل كالخيلاء ,
يجوب المسالك,
يصنع تاريخه دونما وجل.
سأهزّ الممالك,
حصن البلاغة,
طين الجناس ,
أواصل حرث الكلام.
أليس الفلاحة حرفتنا في القرى؟
نحرث الأفق
كي نبصر الشمس
تنبت في حجر

المفرداتْ.


 

 
 

 

أول النصّ

   
 

 

خانني أول النصّ
حيث العناوين مذعورة,
تحمل النار في هودج,
تتعثّر أقدامها بالمديح.
ارتجلْ بالذي سوف يبهج روحك
إن الأزقّة مكتظة بالحرام
أسمّيك أسطورةً,
حجراً يسند الطفل
في جانبيك.
عبرْتَ بفيض اليقين
الذي يتقدّم أقصى جنونك
لا تستهنْ بالكلام النحاسيّ
لم يبق غير الظلام المراوغ
ينبت في برزخ الذاكرةْ.
نجمة أنت أطفأتَها
حيث لا أحد من سلالات حنطتها.
حرفك المترنّح لا يكترث للنشيج,
ينوح بأسراره
مثلما تفضح البحرَ زرقتُه.
في الظهيراتِ,
نصّك يمشي على وجهه آثماً
لا عليك ..
سيهبط كالسيل

في حكمة سافرةْ.


 

 
 

 

غدا صباح السبت

   
 

 

تغفو قليلا
ثم يشتعل المساءُ
غدا صباح السبت
هل أجد البهاء العذْب؟
ينعقد التصالح بين أسئلتي وبيني؟
نحن خصمان اختصمْنا,
صرخة أطلقتُها,
تحصي فراغ الليل,
تذهب للغياب.
متى يكفّ البحر عن أحزانه؟
ويكفّ هذا الوقت
يصحبني إلى  ما لا أريد ُ..
***
يداك ترتعشان
من برد ومن سهرٍ
كطير يذرع الآفاق
نمْ أرجوك يا جسدي
ودعْني للعذاب
أطارد السأم الذي يأتي ويذهب
حاملا خيباته
ما أضيق الأوقات..
ها قد صرْتُ ملتبسًا
أرتّبُ هاجسي وحدي
وأخفي شهقة الكلمات
وهْي تهمّ بالإثم النبيلِ..
***
غدا صباح السبت
ماذا قد تبقى كي تنام؟
أدسّ في جيبي

الإجابة والسؤالْ.

 
 
 

 

إطار قديم

   
 

 

بعدما ذهبوا, كانت العين لؤلؤة
في تراب النهار, تخوض الممالك
لستَ وحيدا, ستنجو, ومن بعدك الأهل,
سوف تنام , وعينيك مفتوحتين على
صورة في الإطار الزجاجيّ
أنت الذي لم مدّ هذا الطريق إلى البحر,
فضّ احتراب السنابل,
خطّ الكلام على ثوبه.
....
....
كان يمشي الهوينى
تخطّفه صبْية للحقول البعيدة,
مال على رأسه
الرمال تضلّل
هل سوف تخرج من صورة في الجدار,
ثم أروي الحكاية
حين ذهبتَ ضحوكاً, وكنتَ تضيء
بفتنتك الليل.
أنت ترى, كيف خبّأتٌ وجهك
في ورق العمر,
أمضي به للسرير,

أنام على عرْف رائحة في إطار قديم.
 
 
 

 

كلام

   
 

 

آخر الليل ..
لا شيء يبقى، سوى قلقي،
وكلام أخذْتُ أدوّنه،
يتقدّم كالظلمات،
تجمّد في لغتي فزعاً.
كان يرفع رايته، ثم يوقد فانوسه قرب نافذتي ..
أعطني مشعلاً، كي تنام الطبيعة
في ثوبها، والينابيع تنبض في رئتي .
هكذا يتصاعد من وسْط نيرانه،
كاد يمسك حشد الغيوم،
يبعثرها في الميادين .
ما زال يعزف هذا النشيد العنيف،
يرافقه وله في العيون،
غناء العصافير، رغم شحوب مناقيرها .
كان لا بدّ أن يتعلّق بالأرض،
أكثر مما عليه هو الآن ..
أزمنة من رماد الحكايات والخوف،
تدخل غرفته، ثم تُملي عليه
شروطا ملوّثة، وتحاول أن توقف الشعر،
في ورق يشبه الزوبعةْ .